[ حقد الغريب يموت مع موت راعيه حقد الغريب يموت مع موت راعيه | صحيفة بيان الإعلامية

0

 



بقلم / ناصرمضحي الحربي

الحقد شعور أسود، يتغذى على أوهام النفوس الضعيفة، ولا يجد لنفسه حياة إلا حين يجد راعياً يحرسه ويغذّيه. فالغريب الذي يحمل الحقد ليس سوى وعاءٍ فارغ، لا قيمة لما بداخله ما لم يجد من يوقظ ذلك الحقد ويضفي عليه شرعية أو سلطة أو منفعة. وحين يرحل الراعي، يتلاشى الحقد، لأنه يفقد مصدر وجوده.

لقد علّمتنا التجارب الإنسانية أن الأحقاد لا تستمر بذاتها، بل تحتاج إلى من يشعلها ويعيد سكب الزيت على نارها. فإذا مات من كان يُؤجّجها، انطفأت شيئاً فشيئاً، وتحولت إلى رمادٍ يتناثر مع أول ريح. فالحقد الغريب بطبيعته هشّ، لأنه قائم على غياب الفهم والبعد عن الجذور، ولأن الغريب لم يعش تفاصيل المكان أو يحمل همومه الحقيقية، بل يقتات على الوهم والتضليل.

وفي التاريخ شواهد كثيرة: كم من عداواتٍ حُبكت بخيوط الغرباء الذين وجدوا في صراعات الآخرين مجالاً للنفوذ والمكاسب، لكن حين غاب قادة الحقد، تبدّدت الصراعات وعاد الوئام، لأن لا أحد يرعى تلك الأوهام بعد رحيلهم.

المجتمعات القوية تدرك أن الغريب إذا كره، فإنما يكره انعكاس قوّتها وصمودها، لا ضعفها. لذلك فإن أعظم ردّ على حقد الغريب هو الصبر واليقين بأن الزمن كفيل بفضح الزيف، وأن موت الراعي يعني موت الفكرة التي كان يروّج لها.

إن الحقد لا يعيش إلا بقدر ما نسمح له بالبقاء في عقولنا وقلوبنا. أما حين نؤمن أن الغريب زائل وأن أحقاده مؤقتة، فإننا نحصّن أنفسنا ونقطع على الحقد عمره القصير.

فلتبقى القلوب عامرة بالسلام، ولندع الأحقاد تُدفن مع أصحابها، إذ لا خلود لحقدٍ مات راعيه


Kommentar veröffentlichen

جميع الردود تعبر عن رأي كاتبيها فقط ، وحرية النقد متاحة لجميع الأعضاء والقراء والقارئات الكرام بشرط ان لايكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من العبارات البذيئة وتذكر قول الله تعالى " مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" صدق الله العظيم

 
الى الاعلى