خولة الحربي تتميز في ريشة الابداع بجمال طيف الألوان "في المركز الحضاري ‎بالخبراء"

 

الخبراء /ناصر مضحي الحربي

‎شهد معرض " آرت نهيل " المقام في المركز الحضاري ‎بالخبراء، في يومه الأول، حضورًا كثيفًا من الزوار والمهتمين والفنانين والموهوبين في الحرف اليدوية، وعقد العديد من ورش العمل والدورات التدريبية

وكان من ضمن المشاركين  في المعرص الفنانة التشكيلية خولة الحربي  التي تتميز بعمقها الشعوري وقدرتها على نقل مشاعر متدفقة من خلال ريشتها، حيث تلتقط في صورها البصرية جوهر المكان والإنسان. إذ تُعنى أعمالها بالقضايا الإنسانية والاجتماعية، مما يضفي عليها طابعًا تأمليًا وإنسانيًا يعكس تجربتها الذاتية وتفاعلها مع الواقع الطبيعي من منظور جمالي.

ويظهر ذلك جليًا في اعتمادها على طيف واسع من الألوان المبهجة التي باتت بمثابة بصمتها الشخصية، مما يمنح كل عمل من أعمالها هوية فريدة تميّزه عن غيره. هذا الاستخدام المبتكر للألوان والتعبير عن المشاعر العميقة يجعل من أعمالها تجربة حسية وفكرية تدعو المتلقي للتفكير والتأمل ويمكننا استنباط بعض العناصر المشتركة في أعمال الفنانة خولة الحربي وتحليلها بالتفصيل  من منظرها الجمالي والرمزي

1/ التعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية

تُعَدُّ أحد أبرز سمات أعمالها هو تسليط الضوء على التجارب الإنسانية والظروف الاجتماعية المعاصرة. في لوحات تتناول هذا المحور، يمكن ملاحظة استخدامها للرموز التعبيرية التي تعكس معاناة الفرد في مجتمعه، مثل تصوير وجوه تحمل قصصاً غير مروية أو مشاهد تجمع عدة شخصيات في فضاء واحد يُعبِّر عن الوحدة والتضامن. تعتمد الفنانة خولة على تباين الإضاءة والظلال لتجسيد الصراعات الداخلية والظروف المتقلبة، حيث تُبرز الألوان الداكنة في بعض المناطق والألوان المبهجة في مناطق أخرى، مما يخلق حالة من التوتر البصري تعكس التناقض بين الألم والأمل.

2/ استحضار الطبيعة والذاكرة الذاتية

تظهر في بعض أعمالها قدرة فائقة على نقل إحساس المكان والزمان، حيث تتداخل عناصر الطبيعة مع الذاكرة الشخصية. قد نجد في إحدى اللوحات تصويراً لشجرة أو منظر طبيعي تتداخل تفاصيله مع ملامح إنسانية، مما يشير إلى العلاقة الحميمة بين الإنسان وبيئته. هنا، يُستخدم الطيف الواسع من الألوان المبهجة—كالأخضر والأصفر والبرتقالي—لتجسيد الحياة والنمو، بينما تُستعمل تقنيات الدمج بين الأشكال الناعمة والخطوط الحرة لخلق إحساس بالانسجام والترابط بين الذاكرة والواقع.

3/ التقنيات الفنية واللمسات التعبيرية

تبرز أعمال خولة الحربي بفضل التقنية المتميزة في استخدام الفرشاة، حيث تتبنى حرية في خطوط الرسم وحركة الألوان. في بعض الأعمال، يظهر ذلك من خلال ضربات فرشاة سريعة تعكس العاطفة المتدفقة، فيما يستخدم تداخل الطبقات اللونية لإضافة عمق وبعد رمزي للصورة. هذه الطريقة في التعامل مع اللوحة تُمكِّنها من خلق تأثير بصري يُدعو المتلقي للتأمل في التفاصيل الدقيقة، وكأن كل طبقة لونية تحكي قصة أو تثير تساؤلاً حول واقع معاصر أو حالة وجدانية.

4- التوازن بين الحداثة والتراث

رغم الطابع الحديث في تعبيرها الفني، لا تخلو أعمالها من إشارات إلى التراث والذاكرة الجمعية. فقد تُظهر بعض اللوحات رموزاً تراثية أو أنماطاً زخرفية متداخلة مع التعبير الحر للألوان، مما يُشكّل جسراً بين الماضي والحاضر. هذا المزيج يمنح أعمالها بعداً ثقافياً وإنسانياً يُثري التجربة البصرية ويدعو المتلقي إلى استحضار ذكريات مشتركة تتجاوز الزمان والمكان.

5- الدعوة للتأمل والفهم العميق

بصفة عامة، تشكل أعمال الفنانة خولة الحربي دعوة مفتوحة للتأمل في جوانب الحياة المختلفة؛ من الوجود الفردي إلى القضايا الاجتماعية الأوسع. كل لوحة تُعد بمثابة مرآة تعكس تجاربها الذاتية والمجتمعية، وتحث على البحث عن الجمال في تفاصيل الحياة اليومية، سواء عبر صور الطبيعة أو الوجوه والرموز الاجتماعية. هذه الرؤية المتكاملة تجعل من أعمالها تجربة حسية وفكرية تتجاوز مجرد المظهر الجمالي لتصل إلى صميم المعاني الإنسانية.

في الختام، يُمكنني  القول إن تحليل أعمال الفنانة التشكيلية  خولة الحربي يكشف عن قدرة فائقة على المزج بين الإحساس العميق والتقنيات الجمالية المتقدمة، ما يجعلها فنانة تستحق التأمل والتقدير من مختلف الأطياف الفنية والثقافية. متمنياً لها مزيداً من التألق والإبداع والتميز